Admin Admin
عدد المساهمات : 569 تاريخ التسجيل : 15/03/2013
| موضوع: أدب الحوار في الإسلام الأحد سبتمبر 29, 2013 7:40 pm | |
| أدب الحوار في الإسلام تأليف فضيلة الإمام الأكبر الدكتور / محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الفصل الأول اختلاف الناس .. و أسبابه 1- اختلاف الناس حقيقة وحكمة من الله :- اقتضت الحكمة أن يكون الناس مختلفين , و أراد ذلك ليميز الخبيث من الطيب , ولا يزال الناس مختلفين إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها , إلا الذين رحمهم الله , فاهتدوا إلي طريق الحق . 2- أسباب هذا الاختلاف :- له بواعث كبيرة , منها الظاهر ومنها الخفي ومنها ما يكون الدافع إليه معرفة حقيقة علي الوجة الأكمل , وإقامة الأدلة والبراهين ( وهذا ما يسمي بـ : المناظرة أو الجدل ) . ومنها ما يكون الدافع إليه سوء النية واللجاج و الغرور والتباهي , وهذا يسمي " المكابرة و المعاندة " . -- وأهم أسباب الظاهر للاختلاف :- أ- عدم وضوح الرؤية والفهم للموضوع من جميع جوانبه , فكل يفهم من زاوية معينة , مثل جماعة العميان وضع كل منهم يده علي قطعة من جسد فيل , ووصفه بالصورة التي وضع يده عليها . ب – التقليد الأعمى والعقيم للآخرين دون دليل , قال الله تعالي :" وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ " وقالوا في عناد : بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا من عبادة الأصنام , حتى ولو كان هذا التقليد لقوم لا عقل لهم ولا هداية . جـ - التعصب الممقوت للرأي : - ولقد حكي لنا القرآن أن بعض المشركين كانوا متأكدين من صدق الرسول فيما يبلغ عن ربه , ولكن العصبية والعناد والأحقاد : نحن لاeدفعتهم إلي تكذيبه عليه الصلاة والسلام . فأبو جهل يقول للنبي نكذبك , ولكن نكذب ما جئت به . الفصل الثاني أسس الحوار في الإسلام مبادئ لضبط المجادلات والمنافسات والحوارات بين الناس :- أولا : التزام الصدق , وتحري الحقيقة بعيداً عن الكذب والسفسطة و الأوهام :- - لقد ساق القرآن الكريم ألواناً من هذه الحوارات يلتزم بها الرسل الصدق , ففي سورة " الشعراء " نري محاوره بين موسي عليه السلام مع فرعون يظهر فيها صدق موسي وتبدأ هذه المحاورة بأمر من الله ـ تعالي ـ لموسي أن يذهب إلي فرعون ليدعوه إلي عبادة الله وحده , ويبشر الله نبيه " موسي " بأنه سيكون معه ويلبي موسي أمر ربه ويلتقي مع فرعون الذي يحاول أن يذكره بأنه تربي في قصره وهو طفل ,ثم كبر وقتل رجلا من شيعة فرعون , وكان بذلك من الجاحدين للنعمة التي أنعمها عليه فرعون في طفولته وتوهم فرعون أنه بذلك قد قطع طريق الإجابة علي موسي , ولكن موسي رد , وقال : أنا لا أنكر هذه التربية , ولا أنكر أنني قد فعلت هذه الفعلة وقتلت رجلا من شيعتك , ولكن ذلك كان قبل أن يشرفني الله ـ تعالي ـ بالرسالة , كما كنت أجهل أن هذه الوكزة ستؤدي إلي قتله , وأضاف موسي : هل استعبادك لقومي وقتلك لرجالهم , واستبقاؤك لنسائهم , هل تعد هذا نعمة أنعمت بها علي ؟ كلا , إن هذه نقمة لنا جميعاً , فأنا واحد من قومي , يؤلمنى ظلمهم وتعذيبهم . - ثم قال فرعون بكل غرور لموسي : وما رب العالمين الذي جئت يا موسي تطلبني بعبادته ؟ وهنا يرد موسي ربنا وربك هو خالق السماوات والأرض وما بينهما وهنا يلتفت فرعون إلي من حوله من حاشيته ليشاركوه التعجب مما قاله موسي ولكن موسي ـ عليه السلام ـ لم يمهلهم حتى يردوا علي فرعون , بل أكد لهم وحدانية الله , تتركون عبادته , وتعبدون فرعون وهو مخلوق مثلكم ؟! ولا يملك فرعون عندئذ إلا برد يدل علي إفلاسه وعجزه , فيقول : هذا الذي تكلم بهذا الكلام مجنون فاحذروا أن تصدقوه . ولكن موسي لم يضطرب من قول فرعون : ربنا وربكم رب المشرق الذي تطلع منه الشمس ورب المغرب الذي تغرب فيه الشمس , ورب الكون كله ... وهنا ينتقل الحوار إلي أسلوب التهديد والوعيد شأن الطغاة عندما يعجزون عن دفع الحجة بالحجة , لئن اتخذت يا موسي إلها غيري ليكون معبوداً دوني , لأجعلنك من المسجونين , فيقول له : أتجعلني في السجن , حتى ولو جئتك بمعجزة خارقة للعادة تشهد بصدقي وبأني رسول من رب العالمين ؟ فيوافق فرعون , وهنا يكشف موسي عن بعض المعجزات الحسية , فيلقي العصا علي الأرض ,فتنقلب حية , ويخرج يده من جيبه فإذا هي بيضاء بياضا يخالف لون جسمه . وأخذ يحرضهم علي مقاومة موسى , وأنه ما هو إلا ساحر بارع في السحر , ويريد أن يخرجكم من أرضكم التي نشأتم عليها , فأشاروا عليه بأن يجمع مهرة السحرة وأغراهم بالعطايا الثمينة إن تغلبوا علي موسي , وكان ذلك يوم عيد لهم , وألقي السحرة بسحرهم , وألقي موسي عصاه فابتلعت بسرعة كل ما فعلوه من سحر , فأيقنوا أن الذي فعله موسي ليس سحراً , بل هو شيء فوق طاقة البشر فآمنوا برب العالمين , رب موسي وهارون . ** دروس نتعلمها من هذه المحاورة :- 1- أن الحوار البناء هو الذي يقصد به الوصول إلي الحق والعدل . 2- التزام الموضوعية :- ويتحقق ذلك بعدم الخروج عن الموضوع محل الخلاف . 3- إقامة الحجة بمنطق سليم وبرهان ساطع . 4- أن يكون الهدف من الحوار الوصول إلي الحقيقة , وإظهار الحق حتى ولو علي يد الطرف المخالف . 5- التواضع والتزام أدب الحديث :- إذا التزم المتجاوران بذلك أدي إلي الوصول إلي الحقيقة . • دروس نتعلمها من قصة سليمان ـ عليه السلام ـ والهدهد :- 1- الجندي الصغير لا يمنعه صغره من أن يرد علي الحاكم . 2- كل فرد في الأمة له الحق في الدفاع عن نفسه . 3- علي الحاكم الاستماع إلي رأي الشعب بكل تواضع . 4- الأمم الرشيدة لا يهان فيها الصغير , ولا يظلم الضعيف . 5- التحاور بين العقلاء يقوم علي التواضع والتزام أدب الحديث . 6- إعطاء كل ذي حق حقه دون تكبر أو غرور أو مَن أو مماطلة . 6- إعطاء المعارض حقه في حرية التعبير عن وجهة نظره دون إجبار أو إساءة . 7- احترام الرأي الصائب والاستجابة له , ما دام مبنيا علي الحجة المقنعة والمصلحة العامة : وقد حدث ذلك ـ كما قدمنا ـ عندما اختلف " أبو بكر " و " عمر " ـ رضي الله عنهما في جمع القرآن بعد استشهاد عدد كبير من حفاظة في ـ فقد عارضه أبوeمعركة اليمامة ضد " مسيلمة الكذاب " بعد وفاة الرسول ـ بكر , لأن الرسول لم يفعله , ولكن بعد محاورات أقتنع أبو بكر بصواب رأي عمر . * دروس نتعلمها من قصة سليمان وداود ـ عليهما السلام :- 1- الالتزام بأدب الحوار , واحترام فكر الآخرين , ما دام يصدر عن حجة وعقل وإخلاص . 2- النزول علي الرأي الصائب , والرجوع إلي الحق الفضيلة . 3- نصيحة المصريين علي رأيهم الخاطئ بالرجوع إلي الصواب وعدم جدالهم بالباطل . 8- تحديد مسألة الحوار و موضوعه تحديداً دقيقاً لا مجال فيه للالتباس أو الخفاء , بحيث لا يكون هناك تعميم في الأحكام . 9- أن يقوم الحوار علي الحقائق الثابتة والمعلومات الصحيحة لا الإشاعات الكاذبة أو الأخبار المضطربة : لأن ما بني علي الفاسد فهو فاسد , وما بني علي الصحيح فهو صحيح . نموذج لذلك : محاورة جعفر بن أبي طالب للنجاشي ودلالاتها :-{ عندما هاجر المسلمون إلي الحبشة غاظ ذلك المشركين , وبعثوا إلي النجاشي ملك الحبشة وفدا منهم محملاً بالهدايا والتحف , كي يطردوا المسلمين من الحبشة وكانوا أكثر من مائة رجل وامرأة وكان علي رأس وفد المشركين ( عمرو بن العاص ) قبل أن يدخل الإسلام , وحاول أن يغري النجاشي بالمسلمين , وأنهم فارقوا دين أبائهم وقومهم , ولم يدخلوا في دينه , ولكن النجاشي كان رجلاً عاقلاً , فرأي ألا بد من تمحيص القضية , فتحدث مع رئيس المهاجرين من المسلمين ( جعفر بن أبي طالب ) قال له : " كنا أهل الجاهلية , نعبد الأصنام , ونأكل الميتة , ونأتي الفواحش , فبعث الله إلينا رسولا نعرف حسبه ونسبه وصدقه وأمانته و عفافه , فدعانا إلي وحدانية الله , وأمرنا بصدق الحديث , وصلة الرحم , وحسن الجوار , ونهانا عن الفواحش , وقول الزور , فأمنا به وصدقناه , فتعدي علينا قومنا , فعذبونا , فلما قهرونا وظلمونا جئنا إلي بلادك , ونرجو ألا نظلم عندك . قال النجاشي للمسلمين :" اذهبوا فأنتم آمنون ... ما أحب أن لي جبلاً من ذهب وأنني آذيت رجلاً منكم " . * دروس نتعلمها من هذه المحاورة :- 1- الالتزام بالحق وبالموضوعية في الحوار . 2- البعد عن الاتهامات والأباطيل . 3- احترام رأي الآخرين ما دام صادقاً وأميناً . 4- لا حكم في قضية إلا بعد السماع من جميع أطرافها , والتأكد من أحداثها . 5- الدفاع عن المظلومين والوقوف مع قضيتهم حتى يرفع الظلم عنهم . 6- تحريم الرشوة وكل مال يؤخذ ظلما وعدوانا لاستغلال الآخرين . 7- محاربة الإسلام للإشاعات الكاذبة . الفصل الثالث بعض القضايا التي كثر فيها الجدل حديثا القضية الأولي : معاملة المسلمين لغير المسلمين o لا يفرق الإسلام في المعاملة بين المسلمين ومواطنيهم من غير المسلمين . بسم الله الرحمن الرحيم لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ( إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) - تفسير الآيتين : لا ينهاكم الله ـ أيها المسلمون ـ عن مودة وصلة غيركم ممن يخالفونكم في العقيدة والدين . إنما ينهاكم الله عن بر وصلة من أظهر عدوانه لكم , أو عاون غيره علي ذلك . - أما بالنسبة لغير المسلمين من أهل الكتاب ( وهم اليهود و النصارى ) فتكون معاملتهم كما يأتي :- 1- النهي عن مجادلتهم إلا بالتي هي أحسن , حتى تستمر العلاقة الطيبة . 2- مؤاكلتهم والأكل من ذبائحهم , والزواج من نسائهم ـ دون نساء المشركين . 3- معاملتهم معاملة كريمة تقوم علي الحق الذي لا يلتبس به الباطل , وعلي العدل الذي لا يحوم حوله ظلم , وعلي المصارحة التي لا تعرف الملق ( التضرع والوعد الكاذب ) . 4- ما دام غير المسلم يحترم عقيدة المسلم , ويحترم حق المواطنة في الدولة التي دينها الرسمي الإسلام , فإن شريعة الإسلام توجب علي المسلمين تبادل هذا الاحترام . 5- شريعة الإسلام لا تفرق في الحقوق والواجبات في تحقيق العدالة بين الناس سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين . - أن رجلا ممن يظهرون الإسلام اسمه : (طعمة ) سرقeوقد حدث في حياة الرسول درعا من جار له اسمه ( قتادة ) ثم خبأها سراً عند يهودي أسمه ( زيد ) , وعندما ضبطت الدرع عند اليهودي ذكر أن ( طعمة ) هو الذي وضعها عنده . ولكن ( طعمة ) أنكر ذلك , وزعم أن اليهودي هو السارق , وجاء أقارب ( طعمة ) ليدافعوا بالباطل عنه , ونزل القرآن يوبخهم علي ذلك . 6- القاعدة الأساسية التي وضعها الإسلام في معاملة غير المسلمين ـ مهما قل عددهم ـ أن لهم ما للمسلمين من حقوق , وعليهم ما علي المسلمين من واجبات . القضية الثانية : حقوق المرآة وواجباتها ومساواتها بالرجل - رفع الإسلام من شأن المرآة , وكرمها بما تستحق من تكريم , وشملها في جميع تشريعاته بالرحمة والعدل , وسوي بينها وبين الرجل في معظم شئون الحياة . - ومن مظاهر المساواة بين المرآة والرجل ما يأتي :- 1- المساواة بينهما في أصل الخلقة : فهما من أصل واحد , وليس لأحدهما من مقومات الإنسانية أكثر من الآخر وأنه لا فضل لأحدهما علي الآخر إلا بالإيمان والعمل الصالح . إلا أن الله تعالي قد اقتضت حكمته لعمارة الكون أن يختص الرجال ـ في مجموعهم ـ بالمزيد من قوة الجسم , ومن تحمل المشاق , وأن يختص النساء ـ في مجموعهن ـ برقة العواطف . المساواة بينهما في التكاليف الشرعية : من عقائد و عبادات , وآداب وسلوك , وأوامر دينية , وفي الثواب والعقاب . وإذا كانت شريعة الإسلام قد أسقطت عن النساء بعض التكاليف الشرعية في حالة الحيض أو النفاس ( بعد الولادة ) فذلك من باب الرحمة بهن . - بايع النساء كما بايعeومن أدلة هذه المساواة بينهما أيضا أن الرسول الرجال علي إخلاص العبادة لله , وعلي أداء التكاليف الشرعية . 2- المساواة بينهما في طلب العلم والمعرفة :- أكدت الأحاديث النبوية الشريفة تكريم أهل العلم سواء أكانوا رجالا أم نساء , فلم يفرق الإسلام في eهذا الخير ولا في الطريق إلي الجنة بين الرجل والمرآة . وقد كان النبي يجعل وقتا للنساء يخصهن فيه بالإرشاد والتعليم . 3- المساواة بينهما في حق العمل : أحل الله العمل وجعله حقا مشروعا لكل من الرجل والمرآة دون تفرقة , وقال تعالي :" مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) . وليس في شريعة الله الإسلام ما يمنع المرآة أن تكون طبيبة أو مهندسة أو eمدرسة أو تاجرة , إلي غير ذلك من الأعمال الشريفة . والنساء في عصر الرسول وفي عهود السلف الصالح كن يقمن بكثير من الأعمال داخل بيوتهن وخارجها . ** مثال :- هذه " عائشة وأم سليم " كانتا تخدمان المجاهدين في غزوة أحد , وتقدمان لهم الماء , وكل ما هم في حاجة إليه . 4- المساواة بينهما في الحقوق المدنية : أعطي الإسلام المرآة كافة الحقوق المدنية التي أعطاها للرجل من حيث التملك من أموال أو عقارات , أو منقولات , وأن تتصرف فيما تملكه بالطريقة التي تختارها بالبيع أو الشراء .. والدليل علي ذلك ما يأتي :- ý أمر القرآن ولي اليتامى بالمحافظة علي أموالهم . ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى . ý أباح الإسلام للمرآة المبالغة الرشيدة أن تختار زوجها بكل حريتها بلا " لا تنكح الأيم ( أي التي سبق لها الزواج ) حتىeإكراه أو إجبار . قال تستأمر ( أي تصرح برضاها ) ـ ولا البكر حتى تستأذن , قالوا : يا رسول الله :وكيف إذنها ؟ قال:أن تسكت " . 6- المساواة بينهما في تحمل المسئولية والجزاء عليها : من المبادئ التي قامت عليها الشريعة الإسلامية : أن كل إنسان بالغ عاقل مسئول عن تصرفاته وأقواله و أفعاله سواء أكان رجلاً أم أمرآة . 7- المساواة بينهما في الكرامة الإنسانية : لقد كرم الله ـ تعالي ـ جميع ذرية آدم ـ عليه السلام ـ ذكورا و إناثا , وفضلهم علي سائر خلقه فقال ـ تعالي :" وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70)" . و القرآن ساوي بين الرجال والنساء في وجوب صيانة أعراضهم . 8- المساواة بينهما في أصل التوارث : قرر الإسلام حق المرآة في الميراث نصف الرجل , بعد أن كانت لا ترث شيئاً في الجاهلية قال ـ تعالي ـ :" لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا [7] " . والسبب في جعل نصيب الرجل ضعف المرآة أن تكاليفها المالية تقل كثيراً عن تكاليف الرجل . الفوارق بين الرجل والمرآة 1- في العبادات : تسقط الصلاة عن المرآة في الحيض , والنفاس , ولا يكلفها الله قضاءها بعد طهرها منهما رحمة من الله بها . والفطر في رمضان في هاتين الحالتين , علي أن تقضي ما أفطرته بعد شهر رمضان . 2- في الأعباء الاقتصادية : جعلها كلها أو معظمها علي الرجل , صيانة لها من شرور الكدح في الحياة . فالمرآة قبل الزواج : نفقتها علي أصولها أو أقاربها . وفي حالة زواجها : نفقتها علي زوجها . وحتى في حالة الطلاق : فإن الزوج يتحمل جنبا كبيرا من أمواله لزوجته المطلقة . 3- في مجال المسئولية عن الأسرة : قرر حقا القوامة والرياسة للرجل لا للمرآة قال تعالي :" الرجال قوامون علي النساء " . لأنه مكلف بالإنفاق , وهو الأقوى علي تحمل المسئولية . 4- وفي مجال الآداب ومكارم الأخلاق : أمر الله المرآة متي كانت بالغة أن تلتزم بالحياء والعفاف و الاحتشام , وستر ما أمر الله بستره من جسدها قال ـ تعالي ـ :"وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" القضية الثالثة : تنظيم الأسرة * نتفق أولا علي الحقائق التالية قبل الحديث عن تنظيم الأسرة :- 1- هدف الشرائع السماوية التي أنزلها الله هو هداية للناس إلي الصراط المستقيم . 2- الحديث في أمور الدين خاصة يجب أن يبني علي العلم الصحيح . " إذاe3- لا ضرر من الاختلاف في الأمور التي تقبل الاجتهاد . فقال الرسول حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران , وإذا حكم فاجتهد , فأخطأ , فله أجر ... " ( رواه البخاري ) . 4- الأولاد هم احدي زينتي الحياة الدنيا , والمال الزينة الثانية كما قال ـ تعالي : " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " , وقد تمني الذرية جميع الناس حتى الأنبياء ولكنهم مع ذلك كانوا أمانة في أيدي الآباء , عليهم رعايتهم وحسن تربيتهم , ففي الحديث الصحيح " كلكم راع , وكلكم مسئول عن رعيته " . 5- كل شئ في هذا الكون يسير علي نظام دقيق بديع محكم , فالشمس تشرق من المشرق وتغرب في المغرب . 6- تتنافس الأمم في العصر الذي نعيش في الاختراع و الابتكار , لا في كثرة أفرادها . 7- من مزايا التشريع الإسلامي أن الأمور التى لا تختلف فيها المصلحة باختلاف الأوقات والبيئات و الاعتبارات ينص علي الحكم فيها نصا قاطعاً , لا مجال معه للاجتهاد والنظر مثل التحلي بمكارم الأخلاق , أما الأمور التي تخضع المصلحة فيها للظروف و الأحوال , فإن التشريع فيها يكون لأهل الاجتهاد والخبرة مثل مسألة تنظيم الأسرة فهي تختلف باختلاف ظروف كل أسرة , وكل دولة . 1- معني تنظيم الأسرة , والفرق بينه وبين التحديد والتعقيم والإجهاض :- - معني تنظيم الأسرة : - أن يتخذ الزوجان ـ باختيارهما واقتناعهما ـ الوسائل التي يريانها كفيلة بتباعد فترات الحمل , أو إيقافه لمدة معينة من الزمان , ويتفقان عليها فيما بينهما مع اقتناعهما التام بأن هناك ضرورة بقرها الإسلام تدعو إلي ذلك . - معني تحديد النسل : تحديد الأولاد بعدد معين , والمنع بعد ذلك منعا مطلقا ودائما هو حرام . - معني الإجهاض وحكمه : الإجهاض هو إسقاط الجنين من بطن أمه وهو حرام شرعا إلا لضرورة يؤكدها طبيب ثقة بأن بقاء الجنين يؤدي إلي موت الأم أو إلحاق ضرر محقق بها . - حكم تنظيم الأسرة في الإسلام :- هو مباح وحلال ـ كما جاء عن الإمام الغزالي وفي كتاب " فقه السنة " للشيخ سيد سابق , وفي دار الإفتاء المصرية سنة 37 ـ في الأحوال الآتية :- 1- كثرة الأولاد والخوف من الوقوع في الحرج من عدم القدرة علي تربيتهم تربية سليمة . 2- أن تكون المرآة ضعيفة وتخاف علي صحتها لكثرة الحمل والوضع . 3- أن تخاف المرآة علي جمالها " كما قال الإمام الغزالي " . الرد علي بعض الشبهات حول تعارض الدعوة إلي تنظيم الأسرة مع القرآنd والحديث :- 1- أما القرآن في قوله ـ تعالي ـ :" المال والبنون زينة الحياة الدنيا " فلا ينكر أحد من العقلاء أن المال الحلال , والذرية الصالحة هما زينة الحياة الدنيا , إلا أن الأولاد إذا لم تحسن تربيتهم فقد يكونون فتنة . 2- ومن القرآن كذلك قوله ـ تعالي :" وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم " . 3- ومن القرآن كذلك :" وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى " لو توكلتم علي اللهeاللّهِ رِزْقُهَا " فحقا الرزق من عند الله . وقال حق توكله , لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا " . 4- و من الحديث النبوي الشريف قوله ــ عليه الصلاة والسلام ــ " تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة " . 2- لا تعارض بين تنظيم الأسرة والإيمان بالقضاء والقدر :- لأن ما قدره الله نحن لا نعلمه , وإنما نباشر الأسباب التي شرعها الله لسعادتنا , فقد تتخذ المرآة وسائل منع الحمل لفترة معينة , ومع ذلك يأتي الحمل . الفصل الرابع : حوار بين الخالق ... وبعض مخلوقاته أولاً : حوار الله جل شأنه ـ مع الملائكة • التفسير والشرح :- - أخبر الله ملائكته بأنه سيجعل في الأرض خليفة هو أدم وذريته ,فقالوا : يا ربنا أتجعل في الأرض من يفسد فيها , فرد ـ عز وجل ـ قائلاً : إني أعلم مالا تعلمون من شئون خلقي , ثم علم الله أدم أسماء الأشياء كلها , وعرضها علي الملائكة , وقال لهم : أخبروني بأسماء هذه الكائنات إن كنتم صادقين , فما كان من الملائكة إلا أن قالوا : فنحن لا علم لنا بشيء سوي ما تعلمنا إياه . • دروس نتعلمها من هذه المحاورة :- 1- المشورة مع الآخرين . 2- تعجب الملائكة من خلق خليفة لله في الأرض هو استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك . 3- إفساح المجال للمرءوسين المخلصين ليعبروا عن رأيهم . 4- تلقي أوامر الله مع امتثال لها وطاعتها . 5- لا تتعارض محبة الملائكة لله . ثانياً : حوار الله ـ سبحانه وتعالي ـ مع رسله ـ عليهم السلام ـ - قال الله ـ تعالي ـ :" يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ " • التفسير :- - يوم القيامة يسأل الله رسله ـ ماذا كان جواب أقوامكم لكم عندما دعوتموهم إلي عبادتي ؟ فيردون عليه بنفي علمهم لتأدبهم مع الخالق . • نظرات تحليلية في الآية الكريمة :- 1- خص الله ـ سبحانه وتعالي ـ الرسل وحدهم بالذكر مع أنهم سيجمعون مع غيرهم من الناس للحساب يوم القيامة وذلك لإظهار شرفهم . 2- قوله ـ تعالي ـ " ماذا أجبتم " وذلك للإشعار بأن الرسل الكرام قد بلغوا الرسالة . 3- " لا علم لنا إنك أنت عالم الغيوب " نفي الرسل عن أنفسهم العلم مع أن عندهم بعض العلم عما حدث من قومهم , وذلك لتأدبهم مع الله . • نموذج من حوار الله مع رسله ـ حواره ـ سبحانه ـ مع إبراهيم ـ عليه السلام :- - قال الله تعالي " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " . - سبب نزول هذه الآية الكريمة : - لما قال إبراهيم ـ عليه السلام ـ للنمروذ الطاغية الذي قال : إنني أحيي و أميت , فقال له إبراهيم " ربي الذي يحيي ويميت , فطلب من الله أن يريه كيف يحيي الموتى . - التفسير :- وقد رد الله ـ تعالي ـ علي طلب إبراهيم : أتقول ذلك وكأنك لم تؤمن إيماناً كاملا بأني قادر علي ذلك ؟ وهنا يجيب إبراهيم : بلي يا رب إنني أومن بوحدانيتك وقدرتك إيمانا صادقا وتاما , ولكني سألت هذا السؤال ليزداد فلبي اطمئنانا وخضوعا , وأنا أريد أن أنتقل من مرتبة علم اليقين إلي مرتبة عين اليقين , فطلب الله من إبراهيم أن يأخذ أربعة من الطير فيضمهن إليه ليتأملهن ويعرف أشكالهن ثم يذبحهن , ويقطعهن قطعا , ويجعل علي كل جبل منهن جزءاً , ثم يناديهن ليأتين بإذن الله سريعا وقد عادت إليهن الحياة كما كن قبل الذبح . • * دروس نتعلمها من هذه المحاورة :- 1- إثبات كمال قدرة الله ـ تعالي ـ علي فعل كل شيء . 2- محبة الله لإبراهيم " خليل الله " . 3- المشاهدة والمعاينة بالعين والحس تساعد علي تأكيد الحقيقة . 4- فتح الباب أمام الراغبين في سؤال الله ودعائه ليتقبل مطالبهم بفضله وكرمه . 5- كمال الأدب مع الله عند دعائه و الاعتراف له بالألوهية . الفصل الخامس : حوار بين الرسل و أقوامهم أولاً : حوار الرسل الثلاثة مع أهل القرية - الشرح والتفسير :- أرسل الله لأهل هذه القرية رسولين فكذبوهما , فقواهما الله برسول ثالث , يشد أزرهما , فازداد تكذيب أهل القرية للرسل الثلاثة وقالوا لهم : ما أنتم إلا بشر مثلنا , ولا مزية لكم علينا , ولكن الرسل قابلوا هذه السفاهات وهذا الإنكار و التكذيب بالصبر , فما كان من أهل القرية إلا تكذيب الرسل و هددوهم بالرجم بالحجارة والعذاب الأليم . • * دروس نتعلمها من هذا الحوار :- - إتباع الأسلوب الحكيم والصبر الجميل في الحوار مع الآخرين . - الرد المقنع للتأثير علي من نحاورهم . - الابتعاد عن أسلوب التهديد لمن يخالفنا في الرأي . - ما علي الرسول إلا البلاغ . ثانياً : حوار سيدنا هود ـ عليه السلام ـ مع قومه - الشرح والتفسير :- كان قوم هود أصحاب غني فاحش وقوة من الجسم وعندما دعاهم نبيهم ( هود ) ـ عليه السلام ـ إلي عبادة الله وحده اتهموه بخفة العقل والجنون لأنه ترك دين الآباء , ورد عليهم رداً مقنعاً بالمنطق الحكيم , نافيا عن نفسه تهمة السفاهة , وإنما هو ناصح أمين لهم , ويرشدهم إلي ما ينفعهم , ولكن قومه الطغاة لم يستجيبوا لهذه النصائح وأنهوا حوارهم معه بالتهديد والاستهزاء بنصائحه الغالية :- - الشرح والتفسير :- وحوار آخر بين هود وقومه دعاهم فيه إلي عبادة الله وحده , وأرشدهم إلي وجوب استغفار ربهم , ولكنهم كالعادة تطاولوا عليه , وسخروا منه وردوا عليه بأربعة ردود :- 1- أنه لم يأت لهم بحجة مقنعة . 2- وأنهم مصرون علي مخالفته . 3- وأنهم لن يتركوا عبادة الأصنام . 4- وأنهم يعتقدون أن تركه لعبادة آلهتهم جعل بعضها ـ يتسلط عليه ويصيبه بالجنون والهذيان . * دروس نتعلمها من هذه المحاورة :- 1- الاعتماد علي الحجج و الأدلة . 2- الالتزام في المحاورة بوضوح . 3- الجرأة والشجاعة . 4- الاعتماد علي الله وحده . 5- الغرور والبسطة في الرزق تصيب صاحبها بالهلاك . ثالثا : حوار سيدنا إبراهيم ـ عليه السلام ـ مع أبيه - الشرح والتفسير :- واذكر يا محمد لأمتك الحوار بين إبراهيم مع أبيه :- § قال إبراهيم : يا أبت لماذا تعبد ما لا يسمع من يناديه . § يا أبت قد جاءني من العلم النافع , فاتبعني أهدك إلي الطريق المستقيم . § .يا أبت إني أشفق عليك من أن ينزل بك عذاب من الرحمن , ولكن هذا الأسلوب الحكيم , ولم يحظ من أبيه بالقبول , بل بالاستنكار والتهديد بالرجم بالحجارة . واستمر إبراهيم في استغفاره لأبيه إلي أن تبين له أنه عدو الله , فتبرأ منه كما قال ـ تعالي:"وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ " * دروس نتعلمها من هذه المحاورة :- 1- معاملة الوالدين معاملة طيبة . 2- لا طاعة لمخلوق في معصية الله . 3- أخذ العبرة من أحداث السابقين . 4- الإقتداء بالصالحين . 5- الالتزام بأدب الحوار . مع قومهeرابعا : حوار سيدنا محمد - الشرح والتفسير :- تعجب مشركو مكة من مجيء منذر منهم ينذرهم بالعذاب لكفرهم ويأمرهم بعبادة الله وحده , وقالوا : هذا الرسول ساحر , وهو كذاب , وكل ما يقوله محمد افتراء واختلاق من عنده , ولم يسبقه إليه أحد , وهو الفقير اليتيم . ورد القرآن عليهم ردا فيه التحقير لهم , وقد تضمن هذا الرد ما يأتي :- 1- أن هؤلاء المشركون لم يذوقوا عذاب الله بعد , فإذا ذاقوه أيقنوا بأن علي الحق .eالرسول 2- ليست عندهم خزائن رحمة الله حتى يعطوا منها ما يشاءون ويتخيروا للرسالة من يشتهون . 3- هو لا يملكون شيئا من السماوات والأرض وما بينهما . 4- هؤلاء المشركون أعجزوا وأهون ممن سبقوهم من الأمم التي كذبت رسلها , ولهذا لا تهتم بأمرهم يا محمد . - ثانيا : يذكر القرآن في موضع آخر حوارا أخر عن جانب من المقترحات المتعنتة التي اقترحها المشركون ويرد عليها ردا حكيما يخرس ألسنتهم في قوله ـ تعالي ـ :" وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ [8] وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ [9] " . فقد طلب المشركون ليشهدوا بصدق الرسول محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن يكون معه ملك يمشي معه , ورد الله عليهم ذلك بردين :- 1- لو أنزلنا ملكا كما اقترحوا وبقوا علي ما هم عليه من الكفر , لقضي الأمر بهلاكهم . 2- لو جعلنا الرسول من الملائكة لكانت الحكمة تقضي أن نجعله في صورة بشر ليتمكنوا من رؤيته , وحينئذ يقعون في نفس اللبس . - ثالثا : يذكر القرآن في موضع ثالث أن المشركون لن يؤمنوا برسالة محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ حتى ينزل عليهم الوحي كما ينزل عليه , ويرد القرآن مبينا لهم أن النبوة هبة من الله , وأن الوحي لا ينزل إلا علي الأنبياء , قال ـ تعالي ـ " وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ ´" . - رابعا : وفي موضع رابع من محاورات المشركين للرسول محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ يزعمون أنهم بدعوته فسيهلكون , ويطردهم العرب من أرضهم ويأتي الرد حاسما من القرآن عليهم بتذكيرهم بواقعهم الذي يعيشونه من الحرام الآمن حولهم والخيرات الكثيرة التي يتمتعون بها . قال تعالي :" وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى
| |
|