الشفق: أسرار علمية وعددية
| نتأمل في هذه المقالة بعض الصور التي حيرت العلماء حول ظاهرة عجيبة يسمونها الشفق القطبي أو الفجر القطبي، ويحاول العلماء اليوم فهم هذه الظاهرة ....... |
جاء في خبر علمي على موقع سي إن إن، أن وكالة أبحاث الفضاء الأمريكية "ناسا"، أطلقت صاروخا من كاب كانافيرال بفلوريدا، يحمل على متنه خمسة أقمار ستحاول على مدى عامين فكّ لغز واحدة من أجمل الظواهر الفلكية وهي ظاهرة الشفق القطبي. ويشرف عليها فريق من جامعة بيركلي في كاليفورنيا، وسيقوم كل قمر صناعي بدراسة أمريكا الشمالية مرة كل أربعة أيام، حيث ستتم مراقبة ظاهرة الشفق القطبي كلما تحدث، إضافة إلى قيامها بمهمات أخرى.
وعلى الأرض، ستقوم عشرون محطة أرصاد في ألاسكا وكندا باستقبال نتائج المسح الذي تنفذه الأقمار الصناعية طوال 15 إلى 20 ساعة يومياً. إن ظاهرة الشفق القطبي تحمل اسما آخر هو الأضواء الشمالية أو الفجر القطبي، وهي عروض خلابة لمناظر ملونة على الشاشة السماوية الكبيرة باتجاهي المنطقتين القطبيتين الشمالية والجنوبية.
ويظهر الشفق القطبي في بعض أحيانه على شكل أقواس أو تجعدات جميلة وأحياناً أخرى على شكل إشعاعات براقة تستمر للحظات أو ساعات أو ربما حتى الفجر، ومن النادر جداً أن يتشابه شفقان في زمنين أو مكانين إنما يأخذان نمطاً متقارباً من الأشكال.
يظهر الشفق القطبي بألوان مختلفة يغلب عليها الأخضر والأحمر والبنفسجي والأصفر، وأما بقية الألوان فهي مزيج من الألوان الأساسية، وللشفق شكلان أساسيان هما الشكل الشريطي والشكل الغيمي. وعادة ما يبدأ العرض الشفقي في السماء بشكله الشريطي عدة مئات من الكيلومترات، ويبلغ عرضه شرقاً وغرباً عدة آلاف من الكيلومترات في شكل ذيل. وبازدياد آخر للنشاط ينبعث من الزمر الشعاعية لون وردي ويصبح عرضه عدة آلاف من الكيلومترات، وحالما يتوقف النشاط الشفقي يعاود الشفق شكله الشريطي وتحتفي كل الانثناءات التي كانت موجودة، أو أن يتحول الشفق إلى شكله الغيمي غير المنتظم.
وتؤكد الدراسات أن تشكل الشفق له علاقة بالمغناطيس حيث تمثل الأرض قطعة مغناطيسية ذات قطب شمالي وآخر جنوبي تربط بينهما خطوط القوى المغناطيسية المتجهة من القطب الجنوبي باتجاه القطب الشمالي.
كشف العلماء بعضاً من غموض ظاهرة الأضواء الملونة الشمالية التي تظهر في السماء، قائلين إن انفجاراً مغناطيسياً قرب القمر يسبب ظهور الألوان الرائعة والأشكال العجيبة للأضواء التي ترقص في الأفق. وهذه الاكتشافات التي أعلنها علماء في وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، من شأنها مساعدة الباحثين لفهم أعمق للعاصفة الجيومغنطيسية، التي يمكن أن تدمر الأقمار الصناعية، وتؤذي رواد الفضاء، وتقطع الاتصالات أحياناً.
وراقب أسطول مكون من خمسة أقمار صناعية، بداية عاصفة مغناطيسية، في حين تابع مراقبون من على الأرض في كندا وألاسكا، الأضواء في الشمال وطبيعة تغيره، ليلاحظوا أن الأضواء تشتد كل نحو ثلاثة أيام. وقالت العالمة نيكولا فوكس، من جامعة جونز هوبكنز: أخيراً أصبح لدينا المعدات الصحيحة في المكان والوقت الصحيحين لنتمكن من مراقبة الظواهر الطبيعة المثيرة للجدل، وحسم الأمر بشأنها.
نتيجة للرياح الشمسية القادمة باتجاه الأرض فإن مجال الأرض المغنطيسي ينحصر داخل تجويف عظيم يدعى الغلاف المغناطيسي، ويحيط بالأرض على شكل مذنب فتنضغط خطوط المجال المغناطيسي بشكل حاد من ناحية الشمس، بينما تمتد خارجاً بالاتجاه المعاكس مشكلة ذيلاً مغناطيسياً طويلاً يصل حوالي ستة ملايين كيلومتراً. وفي الوقت الحالي، هناك نحو 20 عاصفة مغناطيسية يتم تحليلها من قبل العلماء، الذين يأملون فهم المزيد عن العواصف الشمسية التي تحدث نحو عشر مرات في العام، ويمكن أن تؤدي إلى المزيد من الظواهر الضوئية في الشمال والجنوب أيضاً.
ظاهرة تستحق القَسَم الإلهي!
كما رأينا فإن العلماء يؤكدون أن ظاهرة الشفق ظاهرة عظيمة ومعقدة جداً ولا يزال العلماء يدرسونها ويسخّرون لفهمها أجهزتهم وتقنياتهم، وبالتالي فإن الله تعالى لم يهمل ذكر الشفق بل أقسم به فقال: (فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ * فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآَنُ لَا يَسْجُدُونَ) [الانشقاق: 16-21].
وتأملوا معي كيف أن الحق تبارك وتعالى قد أقسم بظاهرة كونية غريبة أن البشر سيركبون الأطباق (طبقاً بعد طبق)، وقد ركبوا بالفعل المراكب الفضائية والصواريخ والأقمار الاصطناعية، ووصلوا إلى القمر والمريخ، وهذه المعلومة لا يمكن لأحد أن يتنبأ بها زمن نزول القرآن لأنه لم يكن أحد يتخيل أن البشر سيتطورون علمياً وسيصلون إلى الفضاء، ولكن الله الذي يعلم السر وأخفى نبأنا بهذه الحقيقة.
وتأملوا معي أيضاً كيف أن الله تعالى قد خاطب الملحدين والمشككين وطلب منهم أن يؤمنوا ويسجدوا لله تعالى أمام عظمة هذا القرآن، لأن القرآن لو كان كلام بشر لما رأينا فيه هذه الحقائق، ولذلك فهو كتاب يستحق التقدير وأن يؤمنوا به ويسجدوا لله تعالى.
فعل القسم يتكرر 8 مرات في القرآن
الذي لفت انتباهي أن كلمة (أُقسِمُ) تكررت في القرآن كله 8 مرات، وجميع الآيات جاءت بصيغة النفي (لا)، وكأن الله تعالى يريد أن يؤكد لنا أنه ليس بحاجة لهذا القسم، فهو خالق الكون والبشر، وسبحان الله، هل يحتاج رب العزة أن يقسم لعباده الضعفاء بأن القرآن حق؟ انظروا معي إلى الرحمة الإلهية العجيبة، ولذلك جاءت هذه الكلمة مسبوقة بـ (لا) في المواضع الثمانية.
ولدى تأملي لهذه الآيات وجدت أن كل آية منها تشكل معجزة تستحق التفكر، بل لازال العلماء يبحثون في أسرارها حتى الآن. لنقرأ الآيات الثمانية حسب ترتيبها في القرآن.
1- (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الواقعة: 75-80]. القسم بمواقع النجوم: وقد كشف العلماء أسراراً كثيرة حول المواقع الحقيقية للنجوم والتي لا يعلمها إلا الله، فجميع النجوم التي نراها لا تقع في مواقعها الحقيقية إنما تتحرك وتجري ولا يمكننا معرفة مواقعها بدقة، ولذلك أقسم الله بهذه المواقع.
2- (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) [الحاقة: 38-40]. القسم بما نبصر وبما لا نُبصر، وهذا قسم عظيم أخبرنا الله فيه أن الأشياء التي لا نبصرها أعظم وأكبر من الأشياء التي نبصرها وقد ثبت علمياً أن كل ما نراه في الكون لا يشكل إلا أقل من 1 % فتأملوا!
3- (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) [المعارج: 40-41]. إشارة إلى وجود مشارق ومغارب متعددة، وقد نزلت هذه الإشارة في زمن لم يكن أحد يتخيل وجود أكثر من مشرق ومغرب، ولكن تبين أن الشمس تشرق في كل لحظة على مكان وتغرب في مكان آخر، إذاً هناك عدد لا نهائي من المشارق والمغارب وهذا ما أشارت إليه الآية.
4- (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) [القيامة: 1]. القسم بيوم القيامة، وهذا من أنباء الغيب التي يجب على المسلم أن يؤمن بها ويسلم لله تعالى.
5- (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) [القيامة: 2]. في هذه الآية إشارة إلى أهمية علم النفس وأن أهم صفة تميز النفس البشرية أنها كثيرة اللوم، وهذه الظاهرة لازالت تحير العلماء ولم يجدوا لها تفسيراً، فلماذا يكثر الإنسان من لوم الآخرين ولوم نفسه على الأشياء التي تحدث معه، ولكنهم وجدوا أخيراً مركزاً في الدماغ يتنبه أثناء توجيه الإنسان اللوم للآخرين، ولا زالت الأبحاث جارية حتى اليوم.
6- (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) [التكوير: 15-19]. القسم بالخنس، وهي الثقوب السوداء، وهذه الثقوب من الظواهر المعقدة جداً والتي لا يزال العلماء يدرسونها ويكتشفون أسرارها حتى اليوم، وهذه الآية دليل على صدق القرآن.
7- (فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19) فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآَنُ لَا يَسْجُدُونَ) [الانشقاق: 16-21]. القسم بظاهرة الشفق، وقد رأينا كيف يحاول العلماء اكتشاف أسرار الشفق ويقولون إنها من الظواهر شديدة التعقيد، ولذلك فقد أقسم الله بها.
8- (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ) [البلد: 1-4]. أقسم الله بالبلد وهو مكة المكرمة، وقد رأينا أبحاثاً قدمها علماء مسلمون أثبتوا فيها أن مكة هي مركز اليابسة على الأرض، ولا زال البحث مستمراً وقد يصل علماء الغرب إلى أسرار جديدة عن مكة المكرمة، ولذلك فقد أقسم الله بها.
انظروا كيف جاءت جميع الآيات مسبوقة بكلمة (لا) ليدلنا الله تعالى على عظمة هذا القسم، ولذلك فإن الآيات الثمانية تناولت معجزات كونية ونفسية عظيمة.
معجزة عددية لطيفة
لنكتب أرقام الآيات الثمانية التي ورد فيها فعل القسم:
1- الآية الأولى رقمها 75
2- الآية الثانية رقمها 38
3- الآية الثالثة رقمها 40
4- الآية الرابعة رقمها 1
5- الآية الخامسة رقمها 2
6- الآية السادسة رقمها 15
7- الآية السابعة رقمها 16
8- الآية الثامنة رقمها 1
هناك تناسق سباعي مذهل في أرقام هذه الآيات (ونحن نعلم أهمية الرقم سبعة في القرآن والسنة)، والهدف منه إظهار أن القرآن كتاب متناسق ومرتب ولا يمكن لأحد أن يأتي بمثله. فإذا استخدمنا طريقة صف الأرقام وقمنا بوضع هذه الأعداد حسب ترتيبها يتشكل لدينا عدد ضخم هو:
75 38 40 1 2 15 16 1
هذا العدد يتألف من 13 مرتبة ويقرأ: تريليون ومئة وواحد وستون بليون وخمس مئة وواحد وعشرون مليون وأربع مئة وثلاثة آلاف وثمان مئة وخمسة وسبعون. إن هذا العدد من مضاعفات الرقم سبعة أي يقبل القسمة على سبعة من دون باق كما يلي:
1161521403875 = 7 × 165931629125
والعجيب أن هناك سلسلة من الأرقام جميعها من مضاعفات الرقم سبعة:
- أرقام الآية الأولى 75 مع الآية الثامنة 1 تشكلان عدداً من مضاعفات السبعة:
175 = 7 × 7 × 5
- أرقام الآية الثانية 38 مع الآية السابعة 16 تشكلان عدداً من مضاعفات السبعة:
1638 = 7 × 234
- أرقام الآية الثالثة 40 مع الآية السادسة 15 تشكلان عدداً من مضاعفات السبعة:
1540 = 7 × 220
- أرقام الآية الرابعة 1 مع الآية الخامسة 2 تشكلان عدداً من مضاعفات السبعة:
21 = 7 × 3
والعجيب يا إخوتي أن نواتج القسمة الأربعة 5 234 220 3 تشكل سلسلة ثانية جميعها من مضاعفات السبعة كما يلي:
- الأعداد الأربعة معاً:
32202345 = 7 × 4600335
- العدد الأول 5 مع العدد الرابع 3 :
35 = 7 × 5
- العدد الثاني 234 مع العدد الثالث 220 :
220234 = 7 × 31462
- العدد الأول 5 مع العدد الثاني 234 :
2345 = 7 × 335
- العدد الأول 5 مع العدد الثالث 220 :
2205 = 7 × 7 × 45
- العدد الثاني 234 مع الرابع 3 :
3234 = 7 × 7 × 66
- العدد الثالث 220 مع الرابع 3 :
3220 = 7 × 460
وهكذا لو قمنا بدراسة الأرقام نجد سلاسل مدهشة تحير العقول بدقة بنائها وإحكامها، فأنى لمصادفة أن تصنع مثل هذه السلاسل الرقمية؟